السفير الأمريكي يتحدث عن جهود الحل السياسي في اليمن ومستقبل الأزمة اليمنية وموقف وجوهر المشكلة اليمنية وتأثير الفساد وماهو العرفان الذي كان سيمنحه لـ”أنصار الله”
يمنات – صنعاء
قال السفير الامريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، إن أطراف الحرب في اليمن ليسوا اثنين و حسب، بل مجموعة تتنافس السلطة المطلقة للهيمنة على اليمن. مشيرا إلى أن هناك أمراء حرب تزداد ثرواتهم يومياً في اليمن.
و أكد أن هذا العام سيمثل مزيداً من الفرص في انهاء الحرب باليمن. منوها إلى أن لدى حكومته تأثير على الحكومة (الشرعية). معتقدا أنه إذا استطاعت حكومته استخدام هذا التأثير، و الوسائل التقنية لمساعدة الشرعية و القيام بهذا الدور بنجاح؛ فإن هذا سيساعد الأطراف المختلفة على الانتقال إلى أرضية مشتركة.
و نوه إلى أن الصراع دمر كثيراً من المؤسسات الاقتصادية. لافتا إلى أنه في حال نجحت حكومته في مساعدة مؤسسات مهمة مثل البنك المركزي و وزارة المالية على أن يلعبا دوراً مستقلاً لا يتأثر بالسياسة سنكون بذلك قد ساعدنا اليمن.
و لفت إلى وجود عناصر جديدة تستغل أجزاء مهمة جداً من اقتصاد البلاد. منوها إلى أن هؤلاء يزدادون ثراءً كل يوم، و يحرمون الناس رواتبهم، أو أولئك الذين كان لديهم أنشطة اقتصادية أخرى، و هؤلاء حرمهم أمراء الحرب من هذه الفرص الاقتصادية.
و أكد أن المشكلة في اليمن هي الفساد المالي الموجود في مناطق سيطرة أنصار الله شمالاً، و في المناطق التي تهيمن عليها (الشرعية).
و قال ان المجال الآخر الذي تأثر في الاقتصاد بسبب الصراع، هو أن الاقتصاد اليمني كان يعتمد على تصدير الغاز و النفط، و التحويلات المالية التي يرسلها اليمنيون في الخارج و أساساً من السعودية، و التحويلات المباشرة من دول في الخارج مثل السعودية و دول مجلس التعاون الخليجي.
و أضاف إن فقدان هذه الموارد نتج منه بشكل أساسي انخفاض سعر الريال اليمني؛ مما زاد الأمر صعوبة للمستوردين الذين يستوردون السلع والوقود.
و لفت إلى أنه يعتقد أن في حال تمكنوا العمل مع شركائهم لمساعدة (الشرعية) في تحسين أدائها و مواجهة التحديات، حتى و إن كان الصراع قائماً، فإن هذا يكون أمراً إيجابياً للبلاد.
و أعترف السفير الأمريكي بأنه خلال سنته الأولى اليتيمة حتى الآن التي أدى فيها عمله من داخل اليمن قبل الحرب، كان سيمنح أنصار الله “عرفاناً” (وهي الترجمة العربية الأقرب إلى الكلمة الإنجليزية “كريديت”. و ذلك إزاء ادعائهم عندما دخلوا صنعاء بأنهم يريدون محاربة النخبة الفاسدة في اليمن، لكن العرفان لم يكتمل. متهما أنصار الله بأنهم أصبحوا أسوأ من النخبة الفاسدة التي زعموا أنهم يريدون محاربتها.
و قال: أنا أؤمن بأن اليمن بلد لا يستحق أن يكون فقيراً، ويلقي باللوم على قيادات و ميليشيات تتاجر بفقر اليمنيين و دمائهم و مستقبلهم.
و أكد تولر إلى أن بلاده عملت مع التحالف السعودي للتخلص من الإرهابيين في اليمن. مضيفا: عملنا مع السعودية و الإمارات على تدريب و توفير المعدات و الدعم للقوات اليمنية للتخلص من القاعدة.
و نوه إلى أن السنوات الأربع الماضية كانت فترة مفيدة لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب. مرجعاً ذلك إلى ضعف السلطة المركزية للدولة، و نمو التيارات الطائفية و المذهبية، و ازدياد تدفق الأسلحة للبلاد، و كل هذه عوامل تساعد القاعدة على النمو لليمن.
و ابدى السفير الامريكي قلقه من تحول المشروع الإيراني الذي يمثله أنصار الله إلى نسخة أخرى من تنظيم القاعدة الإرهابي على غرار ما حدث في أفغانستان، فشعاراتهم هي الموت، و أفكار القتل باسم الدين تتطابق في هذه الحالة.
و أكد أن اليمن أصابها الوهن داخل المؤسسات الحكومة و العسكرية و الفساد المالي و الإداري رغم وجود الكثير من الثروات الطبيعية التي يمكن أن تحسّن معيشة البلاد، فلديها سكان جادون في العمل، و هناك حدود مع دول مثل السعودية وعمان.
و أضاف أن هذا قد يوفر مناخاً مواتياً لأن يتم إيجاد فرص تجارية كبيرة، و هناك أيضاً البحر الأحمر و السواحل و مضيق باب المندب و موانئ قد تكون من أفضل الموانئ في العالم؛ الأمر يتمثل في قادة ومتطرفين يريدون استغلال البلاد ضد الفقراء.
و قال تولر إن الجانب العسكري و ان كان مهما للسعودية في اليمن، فبالقدر ذاته تأتي أهمية أن يكون اليمن مستقرا و مزدهرا بالنسبة لها و حلفائها. منوها إلى أنه في حال لم يعم الاستقرار اليمن فإن السعودية ستجد نفسها مسحوبة إلى معارك و مواجهات في الداخل اليمني.
و أوضح تولر أن بلاده ترحب بجهود السعودية المتجددة و المهتمة بالأوضاع الإنسانية و الاقتصادية في اليمن. واصفا ولد الشيخ بأنه كان رجل متفاني جدا في عمله الذي أداه. لافتا إلى أن ذلك يشهد به كل من عمل مع الرجل رغم تعرضه لانتقادات حادة. مشيرا إلى أن استمرارية الصراع لا يرجع لقلة الجهود التي بذلها.
و رحب بتعيين مبعوث أممي جديد؛ على أساس أن هذا سيوفر فرصة لنظرة تنعش الأمور، و تشكيل نواة نحو حل للقضايا العالقة. مستدركا أنه لا يوجد سحر أو عصا سحرية أو رصاصة فضية تحل القضايا العالقة. معتبرا أن جوهر المشكلة في اليمن هو الصراع على السلطة بين الأطراف اليمنية المختلفة.
و أضاف: الأطراف ليسوا مجرد اثنين، بل هم مجموعات متنوعة، و في النهاية للتوصل إلى حل دائم يتطلب الأمر من جميع المجموعات التخلص من طموحها للهيمنة الكاملة على جميع اليمن.
و أبدى تفاؤله بحدوث تقدم في العام الحالي 2018. موضخا أن تفاؤله ليس لأن هناك مبعوثاً أممياً جديداً. مؤملا أن الأطراف المختلفة أدركت بأن استمرار صراع كهذا هو مدمر للبلاد و مستقبلهم في العيش داخلها.
و رأى تولر أن الجهود اليت تبذل من الممكن أن تشجع و أن تكون مفيدة، لا سيما إذا كانت من لاعبين دوليين لديهم اتصالات مع مختلف الأطراف اليمنية، في الشمال و الجنوب، مع استثناءات بسيطة جدا.
و قال: أعتقد أن هناك توافقاً دولياً تاماً حول الحل العام في اليمن منذ عام 2011، و في عموميته فإن مجلس الأمن الدولي و اللاعبين داخله لديهم توافق على الحل في اليمن.
و أكد أنه إذا نجح المبعوث الأممي الجديد في إقناع الأطراف إلى العودة للمفاوضات؛ فإن هذا سيكون من المفيد جداً له.
و رأى أن ولد الشيخ إسماعيل بذل كل الجهود الممكنة التي كان يستطع بذلها للاجتماع مع الحوثيين و نقاشهم، لكن في النهاية إذا كان الحوثيون يسعون إلى أن يجدوا دعماً من المبعوث الجديد لدعم هيمنة إيران على المشهد فإنهم لن يجدوا متعاطفاً في هذه الوظيفة.
و تساءل: هل تطور الحوثيون منذ العام 2014 وما تلاه من أحداث بعدها كمشاورات الكويت وما قبلها، وهل أصبحوا أكثر نضجاً للتعامل مع هذه القضية؟. و أجاب على تساؤله بالقول: إذا طرأ عليهم نضج سياسيي أكثر من ذي قبل، و إذا كانوا مستعدين لتقديم تنازلات فإن الفرصة ستكون جيدة للحل.
المصدر: الشرق الأوسط
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا